فصل: الإفاضة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب (نسخة منقحة)



.الإفاضة:

حتى إذا ضوء النهار أدبرا ** وغابت الشمس استطاروا حُسرَّا

يدعون ذا العز الذي تجبرا ** ثم مضى إمامهم وكبرا

إفاضة لم تك فيهم منكرا ** قد لزموا التؤدة والتوقرا

حتى أتوا جمعاً وجاءوا المشعرا ** ثم أناخوا ساهمات ضمرا

بها يخافون العذاب الأكبرا ** حتى إذاضوء الصباح أسفرا

.الغدو إلى منى:

وانجاب ليل ودنا النهار ** سار إمام الناس ثم ساروا

مع كل مرء منهم أحجار ** سبع لطاف صنع صفارا

ثم مضوا عليهم وقار ** لجمرة من دونها جمار

ثم رموها ولهم كبار ** وحلقوا وذبحوا وازداروا

يوماً به للبدن مستطار ** من طول ما يشحذها الشفار

مرء محذوف من امرىءٍ ومن المرء فأقامه مقام امرىءٍ وهذا موجود، صنع مما قصروها، وقوله كبار يريد تكبير إلا أنه أخرجه على لغة من يقول: الترحاب والتكسار وغيره خير منه قال أبو زبيد:
فثار الزاجرون فزاد منهم ** تقراباً فصادفه ضبيس

ثم منى تُلقى بها الرحال ** وكان فيها الناس لم يزالوا

لكل مرء منهم ظلال ** قد حل للقوم بها الحلال

أيام تشريق لها إجلال ** ما هو إلا الرمى والإقبال

وبيع كأنها الأنفال ** والبذل للسائل والنوال

يومين ثم الثالث ارتحال ** حتى إذا ما عرف الزوال

ظلال: خيمة أو مضرب، ما هو إلا الرمي والإقبال أي الرجوع إلى الرحال، يقال للمدبر أقبل، أي ارجع نحوي، وبيع جماعة بيعة من بيعات البضائع كأنها الغنائم، وهي الأنفال، ثم الثالث ارتحال، أي ثم الثالث فيه ارتحالٌ ونفورٌ.
دعا فأشجاني لنفر داعي

وقد رميت بحصىً تباع

الجمرات غير ما مضياع

التمس السّنة باتباع

ثم نميت الكور ذا الأنساع

على أمون حرة ملاع

ثم اتيت البيت للوداع

فقلت يا قابل سعي الساعي

إني دنا عن بيتك انتجاعي

فاغفر ذنوبي يا مجيب الداعي

ملاع، سريعة خاطفة للشأو، ومنه عقاب ملاع قال:
ولت بذمته عقاب ملاع

وقلت للحادي القراقري

اذكر قريشاً أسرة النبي

أهل الندى والمعقل الأبي

والحلم إن طاش ذوي الندي

واختص منهم ولد الوصي

بني الإمام المرتضى علي

ليث الوغى والحكم المرضي

ذاك على رغم العدى وليي

والي لواء الحمد والنجي

والحوض حوض المصطفى الروي

القراقري من القرقرة، والندي النادي.
من هاشم في البيت ذي الدعائم

والفرع من فروعها السلاجم

السادة الجحاجح القماقم

الأولين السُّبَّق الأقادم

حتف المعادي وغنى المسالم

هم سبقوا الأقوام بالمكارم

أئمة الناس لدى المواسم

على مُنى الراضي ورغم الراغم

أكارم غُرِّ بني أكارم

فمن إذن يدعى كحي هاشم

بني عليّ وبني العباس

الطيبين النجب الأكياس

خلائف الأرض هداة الناس

أهل الندى العالي وأهل الباس

لباب جنس أفضل الأجناس

حازوا ثرى أصل وفرع قاسي

شم العرانين لأصل راس

كم شيدوا بالجود من أساس

فهم من الناس مكان الراس

ما إن لهم في الناس من مقياس

وحي تيم أسرة الصديق

أهل المعالي والثرى العتيق

ما مثلهم في الناس من فريق

يلفى ولا تلقاه في طريق

الهالكي العداة للصديق

والكاشفين الكرب ذا المضيق

وكل هول مفظع محيق

وكل خصم للندا منطيق

بكل ماضي الحد كالعتيق

وكل طرف ضامر عتيق

واذكر بما هم أهله عديا

رهط إمام لم يزل نديا

للدين نصراً أيدا قويا

خليفة مقدماً مرضيا

هاد إلى باب الهدى مهديا

فذاك قدما صاحب النبيا

قد سمي الفاروق أريحيا

بالدين طبّاً وبه معنيا

موفقاً مسدداً وفيا

كاف لما حملته مليا

ولست بالقالي لعبد شمس

كتاب وحي الصلوات الخمس

لباب جنس يا له من جنس

مقابل الأسعد نائي النحس

هم سبقوا الأقوام سبق الأمس

والسادة الشم الكماة القعس

الفاتحي باب خطاب اللبس

والمشترين الحمد لا بالبخس

وفي الوغا الأسد ذوات الفرس

شمس اللقاء كل يوم شكس

وفي بني زهرة مجد وكرم

وسؤود ضخم بطاميء خضم

هم معدن العلم أرباب النعم

وقادة الخيل وضراب البهم

فرع أصيل مستطيل في الحرم

في اصله الراسخ والفرع الأشم

في البيت ذي العز القديم والدعم

والمطعمين الناس في العام الأزم

والمدركي أعلى عظيمات الهمم

هم خولة؟ البر الصدوق في القسم

واذكر ولا تنس بني مخزوم

أرباب مجد تالد قديم

وأهل عز باذخ عظيم

لباب فرع ناضر صميم

أخوال بر صادق رحيم

متالد في الحجر والحطيم

فعرفات فإلى التنعيم

لم ينزلوا بالمنزل الرميم

من النجار الأعرق الكريم

كم فيهم من ذي ندى حليم

وعصمة الحي وحصن الجار

واذكر بحسن الذكر عبد الدار

فرع السرات السادة الأخيار

في الذروة العلياء من نزار

سدان بيت الله ذي الأستار

وجاره بالبر خير جار

لهم نجار أيما نجار

سقياً لهم من معشر أبرار

لم تحمل العيس على الأكوار

مثلهم يوماً لزند وار

السدان والسدنة الحجبة، وهم الحدادون والحداد الحاجب، حده منعه.
تلك قريش العز في بطاحها

في ملكها العالي وفي صلاحها

لم تحمل العيس على صفاحها

مثل قريش العز في ارتياحها

لم تطلب الحاجات لاستنجاحها

لدى سنين المحل في إلحاحها

عن مثلها للعفو في سماحها

ولم ترد الخيل عن جماحها

شائكة الأبطال في سلاحها

بمثلها يعصى على رماحها

شائك من الشوكة ويقلب فيقال شاكي السلاح، ويعصي بالسيوف ولا يعصو.
ودعت من ودعت وسط الحجر

منهم بلا ذنب ولا عن هجر

بل آذنتني صحبتي للنَّفر

وهاجني شوق وبعض الذكر

إلى هجان عيطموس بكر

شقت من الشمس وضوء البدر

فقلت للحادي المجيد المطي


طرِّب لها في نعبات الزجر

في أينقٍ كالقطوات الكدر

ثم النجا قضيت بعض العذر

فقال لي قولاً على إشفاق

لمّا رأى من شدة اشتياقي

من دمع عين سرب رقراق

أمؤذنٌ لي أنت بالفراق؟

فقلت إني قد دنا انطلاقي

أوصيك بالعهد وبالميثاق

والرفق والصافي من الأخلاق

وكن على خير وقاك الواقي

وتحت رحلي ذات نحض باق

مهرية ناتئة الأعراق

أعلو بها الأبطح والصفاحا

فالفج من نخلته إذ شاحا

تنهض من بوباتها مراحا

لورد قرن تعجل الرواحا

واضطرحت أثفيَّها اضطّراحا

حتى إذا ما أتت البراحا

أمت سهيلاً غلساً إذ لاحا

وشربٌ طاحت به مطاحا

طيا على جلدان وامتساحا

حتى رأت بأوقح الصباحا

اضطرحت افتعلت من الضرح، وهو حذف الحجارة بحافر رجل الفرس.
واردة بأول الوراد

براكب ذي همة طراد

مكتحل بالشوق والسهاد

ثم اغتدت قبل غدو الغادي

فغادرت صفنا على انحراد

لمسحب وخدا هداها الهادي

ثم على ناهية النجد

طيا إلى بريدد

كأنها من خوف زر الحادي

أحقب مشعوف من الصياد

ثم اغتدت والنجم ما تصوبا

تؤم في الأفق اليماني الكوكبا

من كركر تغشى الكراع الأخصبا

وفي كرا تختال ليلاً غيهبا

تعلو من الحرة خشنا أخشبا

وتارة تعلو سهوبا سهبا

حتى إذا جنح الظلام غربا

أوردتها أعقاب ليلٍ أجربا

صادية حرَّى تريد المشربا

ثم اغتدت منه غدواً شوذبا

شوذبا أي منجردا، الأخشب الحرش من الأرض المخالط حزونة خشنة.
مختالة تمرح في هبابها

كالقينة العذراء في شبابها

تعلو سهول الأرض مع صعابها

إلى القريحاء بأعلى دأبها

إلى رياض الخيل في انسلابها

مثل قطاة الخمس في انصبابها

حتى أتت في الوقت من إيابها

قبالة النخل على أتعابها

ناسلة في النخل لا عن بابها

مرّاً فلم تلو على قضابها

أي على علافها.
إلا لتقويت على بدار

أو لهمة في شرع زخار

ذاك ضوء الشمس ذو اسفرا

ثم استطارت أي مستطار

ناجية تؤم ذا سمار

براكب ذي همة مسفار

مستشعر من ألم التذكار

شوقاً على القلب كلذع النار

إلى فتاة غرَّة معطار

حوراء كالبدر التمام الساري

ما زال ذاك حالها وحالي

تغشى ظلام الليل والأهوال

حتى أتت ترجا على إحمال

وبيشة النخل بلا إغفال

مجفلة مثل الظليم التالي

للجسداء الشرع السلسال

فصبحت ماءً جبا خالي

وقد بدا ضوء النهار العالي

بذي نشاطٍ غير ما مكسال

تم استطفت كقطاة الحقف

عن منزل شأزٍ قليل الوقف

تعتسف الموماة أي عسف

براكب لم يدر ماذا يخفي

في القلب من شوق مشاد الحتف

إلى هجان ذات فرع وحف

وواضح ألمى برود الرشف

ومخمص أهيف رابي الردف

يا ناق ما يجديك ذا من وصفي

هيدي هيا بنا بجد الوجف

استطفت: استعلت من طف الطائر فو ق الأرض، شأز وشائز واحد صعب فيه التواء وأصله شائز مثل هائر وهار. مشاد أيهو أصل.
ثم اغتدت مزمعة الذهاب

إلى تلاع بمصير داب

للرّبضانت غير ما مرتاب

إلى صنان الوعث ذي النكات

إلى بنات حرب فاجتابي

لمنهل في الشعب ذي الشعاب

ثم اصدري منه إلى هرجاب

لابني ددٍ فجلجل الأحزاب

وبعد جر أبت للمثاب

يبمبما محمودة الإياب

حتى إذا أوردتها يبمبما

والليل قد ألقى جرانا مظلما

لم تبغ عند الورد أن تلعثما

إلا لأن تشرب أو تلقما

ثم زجرت العنتريس العيهما

لأطب تخصف جنحا أدهما

فاحتدمت بغير ليلٍ كلما

قلت ونت ثابت بوخد أحذما

فصبحت والليل قد تجرما

كتنة إذ كانت لورد معلما

قلت وقد غابت هواي الأنجم

يا موقد0000م

ثم أتت في عطل يوم النوم

فهب من نشوة يوم ينتمي

أنا ابن شهران كرام المعجم

نسأل من كان إمام الموسم

قلت له به مقال لا مجمجم

شيخ بني العباس فاعلم وافهم

وانصدعت عنه خنوفٌ ترتمي

تعسف ديجور الظلام المظلم

فوقعت من بعد طول الأين

في المنهل المخصب ذي البئرين

ثم استدفت كأبى فرخين

محفدة من خوف داعي البين

سامية بالطرف واليدين

تلوي بذيال على الحاذين

كما لوى الأمرَّ كفُّ القين

فصادفت معضاً عراعرين

ثم على الشفشف ذي الميلين

ثم مغشّاها سروم العين

يريد جوف الثجة وأسفل مسيله بذوات عش وكأنه مضاف إلى داعي البين رجل أو جبل كما قيل لجبل بأعلى نجران قاضي يريد قاضي دين. قال الراجز:
لما رأى قاضي دين بانا

بكبة فاقتحم الزيدانا

موضع، محفدة من خوف داعي البين ولا معنى لذا والناقة لا يروعها داعي البين ولكنه مما غير على الرّداعي وبقي َبتغييره والجوف في الموضع الذي وقعت فيه.
حتى إذا أوردتها سروما

حيث ترى الآبار والكروما

خوت نزوّاً رحلة محطوما

كما رأيت الزَّيف المرموما

ما كان إلا الشرب والتلقيما

حتى اجر هدت حاديا رسوما

تجشم من أرينب المجشوما

ومن ذوات المبرح الحزوما

ما زال ذاك دأبها الصميما

تصلي الحزابي مارنا جريما

فكم طوت في ظلم الحنادس

وخدا إلى الطلحة من نسانس

صح طود حانس

ووعث سجع في ظلام دامس

فأصبحت قبل رجاء الآنس

بالعرض من غدوة يوم الخامس

براكب مستشعر الملابس

مستيقظ الهامة غير ناعس

تعتسف البيد بلا مؤنس

ثم اعتلت بطن سروم وخدا

أمّاً إلى صعدة سيرا قصدا

براكب ألقى الكرى والرقدا

يرعى على النأى لهند عهدا

لما رأى عيسى المسير الجدا

ألقت بها وند درٍ والصدا

السهل تطويه وتعلو النجدا

حتى أتت صعدة تشكو الكدا

ناسلة تسبق فيها الوفدا

ما كان إلا لُقماً ووردا

في منزل كان لها موافق

سهل لدى قتّ وحوض رائق

لو أخطأت همّي لسبق السابق

ثم اشمعلت في ظلام غاسق

تؤم من قضان أعلى الخانق

وأعينا للماس والغرانق

لطمؤٍ تدعس في شبارق

فصبحت خيوان ذا الحدائق

والفجر لما لاح في المشارق

براكب يكتم شأن العاشق

لم يحتسب كان كما قال الفرزدق:
بقية معشر كانوا كرام

حتى ترامت بعقاب الفقع

عن المعيدين كسهم النزع

أما إلى جرفة ذات الفرع

ثم عجيباً بانحدار وضع

خفضا إلى ريدة بعد الرفع

حتى أتتها في فوات الجمع

بنعمة الله الجليل الصنع

ومنه الضخم وحسن الدفع

ثم انتحت بعد منام السابع

ضامرة مثل الهلال الخالع

لمنقل الحيفة ذي المجازع

تحن من شوق حنين النازع

لمرمل ذي الوعث والكوارع

فصبحت عند الصباح الطالع

صنعاء من غدوة يوم السابع

بنعمة الله الجليل الصانع

ومنه والفضل منه الواسع

المحسن المعطي العزيز المانع

ثم انتحت تجتاب عرض الحقل

براكب تاج قليل الثِّقل

همتها يكلى بسير مجل

فاحتدمتها قبل فيء الظل

تضيف بوسان اعتساف الهقل

وجبنا منها بوخد رسل

قلت لها لما استوت في السهل

من جبن يا ناق أهلي أهلي

ألقي بغربي رداع رحلي

بمنّ ربي ذي العلى والفضل

ثم اسلمي يا ناق ما بقيت

وارعي سميّ لعرش حيث شيت

ومن ش القهر ما هويت

والشط إن أسهلته رعيت

والشرع الريان إن ظميت

لأي ماء بقرى سقيت

يا نفس هل شكر لما أوليت

من صنع رب منشيء مميت

تبارك الرحمن من مقيت

سبحانه من منيء مميت

فالحمد لله على إحسانه

وفضله المعروف وامتننانه

سيرنا ذو اللطف في بلدانه

في رزقه العفو وفي أمانه

حتى أتينا البيت في مكانه

ثم قضينا شأننا من شأنه

من طوفه والمسح من أركانه

ثم هدانا الله في ضمانه

كلا إلى المحبوب من أوطانه

مع الذي يأمل من غفرانه

كملت الأرجوزة، وكمل بكمالها كتاب جزيرة العرب والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد خاتم النبيين وآله وصحبه الطاهرين، وسلام.